أمر من الأمور المحزنة

أمر من الأمور المحزنة

الأمور المحزنة والتي في بعض الأحيان يندى لها الجبين كثيرة جدا بحيث لا يمكن حصرها في مقال أو عشرة وإنما تحتاج إلا مجلد كامل ليتم إحصاء ما هو ظاهر منها وما خفي كان أعظم ومن هذه الأمور على وجه المثال إليكم هذه القصة التي سأرويها لكم عن ما ستستنتجونه منها :

القصة :

كان الوقت بعد صلاة العصر تقريبا الساعة الرابعة والعشرون دقيقة عندها خرجت من المنزل قاصدا المحلات التجارية بالحي لأقضي بعض المصالح وفي الطريق إلا حيث كنت انوي شاهدت على بعد مجموعة من الشباب يتحدثون مع احد الجيران ويتناقشون في أمر رغبت أن اعرفه فلو كان سرا لما وقف الجميع على قارعة الطريق وهم يرفعون أصواتهم بحيث يمكنك سماع نقاشهم كلما اقتربت أكثر وضوحا وجلاء وعندما أصبحت على مقربة منهم وجدت هذا الجار يوقفني وهو يقول ( لو سمحت ياشيخ إذا ممكن دقيقة ؟ )

نظرت حولي فلم أجد شخص غيري حيث يوجه هذا الجار حديثه ولم اعره أي اهتمام واستغربت !!! من يتحدث إليه هذا الجار وتابعت سيري .

ولكن هذا الجار أشار إلي وهو يقول : أنت يا شيخ نعم أنت !!

تعجبت من ذلك !! وأجبته أنا لست بشيخ ولكن أتمنى أن تدعوني يا أخي , نعم ما هو الموضوع لعل الأمر خير ؟؟

تدخل احد الشباب قائلا : لا ليس هناك أي شيء بس فيه سوء فهم بس .

استدرك الجار إن بقائه ساكتا وإبداء اقتناعه بكلام الشاب لن يحل المشكلة التي يريد أن يوصلها إلي قائلا : لا ياشيخ أسف يا أخي الموضوع أنني كنت أسير بهذا الاتجاه ومررت بهؤلاء الشباب وهم واقفين حيث ترانا وعندما وازيتهم ألقيت السلام عليهم فرأيت أنهم اخذوا يتغامزون ويتساسرون وهم ينظرون إلي .

فأجبته : طيب وين المشكلة يمكن عندهم موضوع او مشبهين عليك أو فيك شبه لأحد ممن يعرفون فيك , فأنت ما كنت معهم لتعلم ماذا كانوا يتحدثون عنه قبل ان تمر بهم .

قال مسترسلا : انتظر يا أخي لم أكمل لك القصة لا تحكم أول اسمع للأخير وشوف بنفسك ايش الموضوع .

قلت له : أسف يا أخي وش اللي صار وأتمنى تختصر لأني مشغول والوقت قريب للمغرب .

قال وهو يبتسم : الموضوع أني وقفت وسالت الشباب عن سبب غرابتهم وتساؤلهم ونظراتهم وهمزهم ولمزهم تجاهي فصرخ بي احدهم هل تعرف أي واحد منا ؟

أجبت : لا أعرفكم ولم يسبق لي التعرف على أي واحد منكم .

قال : إذا لماذا تسلم علينا ؟

قلت وأنا مستغرب جدا : ولماذا هل يجب أن اعرف احد منكم حتى استطيع السلام عليكم ؟

قال : نعم ونحن تساءلنا جميعا إن كان أي منا يعرفك فلم يجب أيا منا بالإيجاب واستنكرنا ذلك وشككنا في الأمر ؟

فقلت : أنت ومن معك على خطأ من ألسنه أن نسلم على بعضنا ومن الواجب أن نجيب على السلام لأننا مسلمون .

قال الأخر : والله إحنا متعودين ما نسلم إلا على الذي نعرف وبس وما احد يسلم عليك ما يعرفك أما يكون من المباحث أو يريد أن يطلب منك مال أو مصلحة أو في اضعف الأحوال غلطان – عشان كذا ما نسلم إلا على الذي نعرف وبس .

قلت لهم : انتم غلطانين يا إخوان الله ورسل الله وأخرهم خاتم الأنبياء والمرسلين يحثون على إفشاء السلام وانتم مسلمون وتقرؤون القران والحديث الم تعلموا أن من أركان الأمن إفشاء السلام وانه تحية أهل الجنة الكرام .

فقال احدهم : والله لم نأخذ هذا في المدرسة ولم يمر علينا هالكلام من قبل .

قلت لهم : سبحان الله لو نسال أي شخص كان سيقول لكم نفس الكلام الذي أقوله لكم .

قال احدهم : طيب شوف هذا اللي جاي كلمة وشوف شيرد عليك ؟؟؟

أنا نظرت فرايتك تقبل علينا وان شاء الله عندك ما يقنعنا .

حقيقة هذا الموقف بقدر ما هو بسيط إلا انه استوقفني عند أوامر الله في القران الكريم وحث نبيه الكريم على السلام فقلت لهم :

يا إخوان اضن والله اعلم أن اقل واحد منكم حصل على المتوسطة صح وإلا أنا غلطان ؟؟

أجاب احدهم : بالحقيقة يا مطوع كلنا في الثانوي في نفس المدرسة بس عاد اللي في الأول واللي في الثاني وأشار إليهم حسب التسمية .

قلت : الحمد لله الله يوفقكم ويهديكم وبعدين أنا لست شيخ أو مطوع فالكل شيخ والكل مطوع إذا أطاع الله وتفقه في كلامه وهدي نبيه .

فردوا مجتمعين جزآك الله خير وخذ كل واحد منهم يتحدث عن انه لم تمر عليه فترة من حياته أن اهتم بأمر السلام والبعض علل الأمر بأنه كان أبويه وأقاربه يحذرونه من السلام على الأغراب أو رد السلام عليهم خوفا من الاختلاط بأناس أشرار أو عصاه أو فاسدين .

فقلت لهم : بس يا إخوان انتم ما شاء الله وصلتم إلا هذا المستوى من التعليم ولكن

الم تقروا الحديث الشريف الذي قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فيه :«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :«إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فشمته، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» [رواه البخاري ومسلم].
كما انه صلى الله عليه وسلم قال :«السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم؛ فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم» [رواه البزار].
وعد النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام من حق الطريق، قال صلى الله عليه وسلم :«إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا؟ قَالَ :«فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ :«غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ» [البخاري ومسلم].

أما من آيات القران الكريم فقد قال الله تعالى :{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61].

قال الله تعالى :{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد/23، 24]،وقال :{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73].

وهو تحية أهل الجنة في الجنة:
قال الله عز وجل عن أهل الجنة: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44]، وقال سبحانه وتعالى: {لاَيَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلام} [الواقعة:26]، وقال: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [إبراهيم:23].

هذا يا إخوان فيض من غيض والآيات السماوية في هذا الشأن كثيرة والأحاديث النبوية الصحيحة وفيرة وإذا بحثتم ستجدون ما يفيدكم في دنياكم وأخراكم

إن شاء الله جاوبنا على اختلافكم في الرأي – السلام عليكم .

رد الجار العزيز : شكرا لله ثم لك يا جارنا والله سمعت كلام ما قرأته من قبل الله يجزيك بالخير وشكرا يا شيخ ولا تردها مني .

أجبته بعد أن رأيت السرور يبدو عليه مما سمع : الشكر لله يا أخي وما قلت أي شيء من عندي ولكنني ذكرت نفسي معكم بكتاب الله تعالى وهدي نبي الله صلى الله عليه وسلم .

فسلم الشباب على الجار مصافحة بالأيدي واخذ كل منهم يعرف باسمه : أنا فلان ثم اتجهوا إلي بالحديث والله يا أبا فلان تعرف الواحد اللي يجهل أو ما يدور في الكتب وما يهتم مثلنا شباب حياتنا كوره وتمشية وسهر على الكره والمصارعة والكتب اللي نقراها نحفظ منها للاختبار وبعدين تتبخر مع الإجازة في الكورة والتمشية والله أحنا مقصرين لأننا ما حفظنا حتى حديث واحد أو آية من اللي أنت قلتهم .

قلت لهم وأنا سعيد بما وصلت إليه من نتيجة احتسب أن يجزيني الله عليها خيرا من عنده : وأنا أشكركم يا شباب على هالوقت الذي منحتموه لنا واسأل الله العلي القدير أن يهديكم إلا الخير والعمل به . وان شاء الله نراكم في المسجد صلاة المغرب ثم ودعتهم وهم في حال يختلف عن الحال الذي قابلتهم عليه واحمد الله على ذلك .

هذا مشهد من مشاهد الحياة العصرية والمدنية المزيفة

آمل أن أعجبتكم

شكرا لوقتكم

العقرب أسير الظلام

» أمر من الأمور المحزنة