إحساس ضائع

إحساس ضائع

قصة واقعية :

هذه أحداث إحدى قصص رجل اعرفه جيدا وطالما كان بيننا العديد من النقاش والحديث في أمور كثيرة ومتنوعة وأحيانا كنت أصل معه إلا ابعد من الشفافية في مناقشة بعض المواضيع أوجز عن حياته وبعض من ملامحها هذا الرجل إنسان بكل ما تحمله كلمة إنسانية من معاني وصفات ولكن كان إذا أحب اندفع بلا حدود وأعطي بلا حساب كان سيئ من هذه الناحية وقلما تنتهي علاقاته مع الناس أو ممن حوله بنهاية سعيدة شكلا ومحزنه مضمونا كنت انصحه كثيرا أن يكبح جماح إحساسه وان يتريث في اندفاع مشاعره التي تنتهي غالبا بجرح عميق وما أكثرها من جراح فكلما سلم أمر مشاعره احد من الناس إلا تلاعب بها وسخر من إنسانيته وكنت امثل له بأحداث وأشخاص لا اعرفهم اسما أو شكلا ولكن اعلم جيدا بقصصهم المؤلمة بحق هذا الإنسان , ذات مرة جلست معه لأجده في عالم آخر وكان عالما من الحزن والأسى والحيرة متمازجة فحاولت كعادتي أن ادخل عالمه وارى ما هو موقعه من ذلك العالم فتمنع في بادئ الأمر ولكنني كررت المحاولة تلو الأخرى وتحايلت عليه حتى لانت فرائسه وأراد أن يبث ما في قلبه ليستريح من جبل يجثم على صدره ولم يكد يجد من يزيله أو يخفف وطأة حمله وهنا سكت قليلا ثم استرسل قائلا وهو يصف نفسه :

تعرفت عليه في ظروف عادية رأى رسالتها التي تحكي عن إحساسها بالحزن والوحدة والظلم عبر احد مواقع الشبكة ألعنكبوتيه وأعجب بما كتبت فأراد أن يشاركها تلك الأمور التي رأى أنها تحتار في حلها كما كتبت فحاول الوصول إلا جذور تلك الحالة اليائسة التي وصلت إليها وكالعادة كانت البداية تحتاج إلا الإصرار في التساؤلات والمناقشات التي تدور حول الأمور التي أوصلتها إلا ما هي عليه من اليأس والوحدة وعدم الثقة فكانت تتجاوب معه بكل احتراف كما سنرى في نهاية هذه الحكاية تخيل انه وصل إليها وإلا مشاعرها وأصبح من يجول في تفكيرها مثل ما وصلت هي إلا كل أفكاره ومشاعره دون أن يعلم أنها تحيك له نسيج الفخ وتنصب له الشرك لتتلاعب به وبمشاعره وإحساسه وتمضي معه أوقات فراغها لتتسلى به دون أي إحساس أو شعور بان ما تقوم به إنما هو الانحطاط والنزول إلا اقل درجات الإنسانية والعلاقات الشخصية . المسكين صدقها واخذ يبحث لها عن الأساليب التي تنقلها من حالها الكئيب وحياتها المرة إلا حياة يملؤها الأمل والإحساس بالحياة فتعمق في الاكتشاف والتساؤل ووصل معها إلا نقاط يراها كما سردتها عليه عميقة وسريه في حياتها ولم يعلم أو يتساءل هل كانت تحكي له الحقيقة أم أنها كانت ترتب لقتل الأمل في قلبه وتذيب الثقة في حياته تجاه كل من كان رقيقا في تواصله وأسلوب حديثة, تجاوب مع تلك الرواية بكل ما يملك من مشاعر وانشغل بذلك الوضع التي تعيشه حسب حديثها له لحظة بلحظة فكان يفكر في كل الطرق إلا أن وصل به الحال إلا أن يربط مستقبل حياته بها وأصبح يخطط لتأمين أفضل ما يمكن أن يجعلها تنسى كل ما مضى من حزن وألم ووحدة , أصبح يحلم بان يطوف بها بلاد لم تزرها وتعيش عمرا تتمناه كل امرأة , قال انه سيجعل شهر العسل معها يمتد إلا 12 شهرا بدلا من 30 يوما بل أكد انه سيكون حتى الممات فلا يحزنها ولا يغضب عليها ولا يؤنبها وسيعمل جاهدا على تأمين كل ما ترغب به مهما كلف كان ينوي أن لا يتركها يوما وعلى محياها علامات الحزن أو الكدر حتى وان كان ثمن ذلك ما يكلفه سعادته وهنائه , أكد انه حلم بها كما هي دون أي خلفيات عن حياتها وقرر أن يرمي كل الماضي خلفه ليراها في حاضره ومستقبلة .

المسكين تفاعل مع تلك الحرباء التي تتلون حيثما تواجدت وتتشكل حسب المكان والغاية التي ترجوها فانشغل بكل أمر يمكن أن يرضيها عندما يتقدم لها رسميا وقد كان يعلم أنها حسب ما تحكي له عن ظروفها تمر في أزمة ومرتبطة حسب ظروفها بأمور يجب أن تؤمن نهايتها بما لا يجعلها تخسرها وتبقى طوال عمرها منشغلة بالتفكير بها فكان يشتعل أملا في انتهاء تلك العقبات والظروف ليجد بين أحضانها كل ما فاته من حنان الأنثى ودلالها وحبها وخوفها وانشغالها ولم يكتفي بذلك بل أطلعها بكل براءة وصدق على كل أسرار حياته وما مر به من الم ووحدة وما يحتاج إليه من إحساس إنساني و قلب صادق وشعور متبادل وانه لا يرغب إلا الصدق لكي لا يقع في دائرة الأحزان من جديد فما كان منها إلا أن رمت له حبل النجاة الوهمي لتخيل له أنها من يبحث عنها ومن تناسبه وتصل إلا قلبه فتذيب أحزانه وتنتشل تعبه وإرهاقه كلما وضع رأسه على صدرها ونثر معاناته في مسامعها ليجد من يهون عليه ما يتخيل انه عقبة في حياته أو هما يعلو صدره فينهض من مجلسها لينام كالأطفال دون هموم أو مشاكل أو أحزان لقد تعلق بذلك الحبل البالي دون تفكير لأنه رأى أنها صادقة وصريحة وتبحث عمن يجعلها ملكة في مملكته وسيدة في بيته وصديقة في مجلسه معها وأم له وأخت وزميلة , كان الحلم كبير وكانت المشاعر جياشة وكان القلب يرقص طربا لما وهبه الله له بعد صبر وطول عناء . اخذ يمسك ذلك الأمل بكل ما يستطيع من قوة ويحارب نفسه وأفكاره كلما توجهت إلا أي نوع من أنواع الشكوك وجعل كل الثقة أمام عينيه وقرر أن يكون مخلص بكل ما تعنيه كلمة الإخلاص فهو يرى أن الأوان قد آن لكي يستريح من عناء الوحدة والغربة والانعزال في هذه الحياة لأنه وجد من يبحث عنها بكل ما يريد من صفات وأسلوب ومشاعر .

ولكن ظهرت تلك الحرباء في مكان لا يمكنها أن تغير لونها كلونه انه مكان الحقيقة والصفاء والنقاء , أراد الله أن يسعف هذا المسكين من بين براثن تلك المخادعة والكاذبة في مشاعرها لتتضح صورتها المشوهة والباهتة لما تحمله من خداع وغش وتلاعب بمشاعر الآخرين .

لم تجد أي مبرر أو موقف مقبول لتوضح عدم قدرتها على متابعة لعبتها التي اعتقد أنها وصلت إلا الطريق الذي لم تتوقع أن تصل إليه بهذه السرعة لأنها لم تتواصل مع إنسان مجرد من الإنسانية كما هو حالها لقد صدمها صدق مشاعره ولهفة أشواقه وحقيقة أحلامه فقررت الفرار من الحقيقة والانطواء خلف جدار واهن وتحججت بحجه يتفطر لها الفؤاد ضحكا وسخرية لأنها لم تجد أي مهرب وأحست بأنها ستنكشف باسوء الصور التي لا ترجو أن تكون فيها فتمسكت بعذر تافه حيث حنقت عليه لكونه انشغل مع أبيه ولم يستجيب لها هنا جاءت أول الصدمات فكيف تريد منه أن يهمل والده الذي كان السبب بعد الله في وجوده بل الذي تعب وتحمل كل متاعب الحياة ليصل به إلا هذا المكان بين الناس وعندها وجد أن من يملك مثل هذا الشعور لا يستحق الاحترام والتقدير ولا يمكن أن يكون ممن يملكون الإحساس أو الشعور ولكن تغلب عليه قلبه وفكرة ورغبته في امتلاك ما كان يأمل ويرجو طيلة حياته فاستمر بالمحاولات الواحدة تلو الأخرى ليرأب ذلك الصدع ويحسن تلك الصورة ويعيد المياه إلا مجاريها لسابق العلاقة ولكن جاءت الصدمة الأخرى لأنها لم تدرك معنى الإحساس بفقد شيء ثمين وغالي ولم تدرك بأنها سلبت كل ابتسامة وفرحة أضفتها على هذا الإنسان فلم تجيب على اتصالاته ومراسلاته وكتاباته لها وتكررت محاولات ذلك المسكين ولم ييأس مطلقا ظنا منه أنها ربما تتدلل عليه وترغب في إضافة نكهة لعلاقتها به واخذ يحلم بأنها شيء جديد وشكل جديد لحياته عليه أن يتأقلم ويتعود عليه ولكن مع طول الجفاء منها أصبح يعلم أو يتيقن أن هذا هو معدنها المزيف وإنها تقتص منه فيما حدث لها وتثار لنفسها من جنس الرجال في شخصه وهو المسكين الذي وهبها كل إحساسه وكل تعاطفه وكل حبه وكل تفكير يدور في رأسه , الغريب جدا انه لا يزال يحدث نفسه بأنها ستعود لتضيء حياته بعد أن عمها الظلام من جديد لأنها أشرقت في سمائه ثم توارت دون أسباب فكم كانت تنشغل عنه وكم كانت تتحجج بوجود أقربائها مما لا يمكنها من التواصل معه وكم كان متسامحا وراضيا بما تحدثه به من مبررات وتبدي من أعذار عندما تكون في دنيا تختلف عن دنياه مهما كانت .

هنا تدخلت وتحدثت إليه وقلت :

أيه المغفل والساذج انك تملك كل هذا الحب والإخلاص والصدق والشعور والإحساس لها وهي لا تعيرك أي اهتمام ألا تبحث عمن يغنيك عنها وتصفو معه حياتك فان الله لا يخيب رجاء وربما يجعل في طريقك من هي أفضل واصدق وأكرم منها فان كان هذا أسلوب حياتها فالله غني عنها وعن العلاقة بها فهي لا تملك أي إحساس أو شعور أو إنسانية إنها جسم فارغ لا يحتوى إلا على شكل الإنسان كالزجاجة الفارغة فلا طعم أو مذاق لما تحويه ولكن أصر بكل عناد وقال لا سأنتظر لعل الله يسخرها فان إحساسي بها لا يجاريه أي إحساس وحبي لها تجاوز كل حب الناس ولا تزال صورتها في عيني وحديثها في مخيلتي وكتاباتها في أفكاري ولن أنسى أنها صدقتني الحديث وعاهدتني على الحب العميق إلا نهاية العمر ولن أتخلى عن عهدي والتزامي لها مهما فعلت أو قالت أو تحججت أو تصرفت فانا أحبها بكل إحساسي وأتوق إليها حتى وان لم تبادلني ذلك الشعور المهم أن تظل في حياتي وان قررت أن أودعها أود أن تتركني بابها صورها وأجمل صفاتها وأعذب كلماتها واصدق مشاعرها أريد أن تودعني بصدق وان تتركني بحب فلن أكون من الجاحدين لوفائها أو تقبلها صداقتي ولكن لا أحب أن أراها إلا في أجمل الصور وأبهاها .

لم املك إلا أن أدعو له ولمن على شاكلته بالتوفيق في علاقاتهم وأحاسيسهم ومشاعرهم الصادقة وان يحصلوا على من يشاطرهم كل ذلك بنفس المشاعر والأحاسيس والصدق والحب وأتمنى أن اكتب لكم قريبا عن نهاية هذه العلاقة السعيدة بإذن الله أو انفصالها بشكل يحفظ لكل طرف من الإطراف كبريائه وكرامته وحقوقه في الإحساس والمشاعر والحب .

شكرا لمتابعتكم وقراءتكم وإلى اللقاء قريبا

العقرب