زمن المرح

زمن المرح 3

كل من يقرأ هذا العنوان يتخيل أن هناك زمن من الأزمان الماضية أو القادمة يمرح فيه عامة الناس إلا القلة القليلة ممن لا يملكون للمرح مكان في صدورهم أو بيوتهم أو مجالسهم . ولكن لا تذهب بعيدا لأني سأتحدث عن زمن المرح فأقول :

إذا تأملنا حياتنا المعاصرة أو العصر الحديث كما يقال فلا نبحث في صفحات كتب التاريخ أو أحاديث المعاصرين عن ذلك العصر أو الزمن لأننا سنجد كل ما نبحث عنه في حياتنا هذه .

هامة الملاهي والمرح هذا الزمان ذلك الجلد المصنوع بشكل دائري ومبطن بمزيج من المطاط ثم يملأ بالهواء ويتصارع عليه جمع من الشباب أو الشابات بالركل والتصويب والتمرير فيما بينهم . ثم ماذا بعد هذا الصخب وشد الأعصاب والاحتكاك والصراخ وأمور كثيرة تصاحب هذه المنافسة بالمنطق الذي أمرنا به الله جل جلالة في كتابه وبلغنا رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم في توجيهه وإرشاده فكان الأمر صريح والتوضيح بليغ لوجدنا أننا في لهو ومرح كبيران فعشرات الآلاف يمضون ثلث وقتهم في وقت واحد في متابعة أو لعب هذه اللعبة والتنافس عليها .

أما ثاني الملاهي فهو الفن ( الطرب والغناء ) وعندما ندرك أن معنى فنان باللغة بالعربية ترمز لاسم الحمار فكيف لنا أن نتخيل ما يقوم به من صياح ونهيق ونتخيل ما يقوم به ذلك الإنسان من التحول إلا مصاف الدعاة إلا البعد عن الله واستباحة كل كلام فاحش ورديء وأوصاف لا يربطها بالأدب والأخلاق أي صلة من أي نوع ويشهدها ويتجمع مئات الحشود لحضورها وإنفاق المال الباهظ لتلك الاحتفالات التي ترأسها الشيطان وحضرها أعوانه من بني ادم .

أما ثالث الأمور هو حياة الضياع التام الذي دخل فيه أعظم الشباب والشابات وكثير من كبار السن وهو الربا والترابي فأصبحت كل مصالح الحياة وأسباب المعيشة ترتكز على قواعد نهب الأموال وإنمائها بطرق محرمة ومسالك ملتوية ولم يسلم منها احد على الإطلاق وهي تدخل في كل شيء تقريبا في المأكل والمشرب والملبس ووسائل النقل والسكن والمصالح العامة بشكل عام لان هناك الضرائب المزيفة ولرسوم التي لا أساس من وضعها وتلك الشروط التي تفرض للحصول على منافسة شريفة للعيش في كل المجالات كلها فرضت على العامة ضغوط حملتهم على الاتجاه إلا أي مكان يجدون فيه نسيان تلك الضغوط والالتزامات المتراكمة فادخل المستفيدون من ضياع الناس وتخبطهم وإهدار أموالهم جميع أنواع المخدرات وسمموا بها أفكار ذوي الأموال فأصبحت تعم جميع مرافق الدولة على كافة مستوياتها وتخصصاتها فلا يخلو مركز شرطة من مستخدمي المخدرات ولا هيئة عامة منهم ولا شركة أو مؤسسة او مجمع تجاري حتى أصبحت عادات يفخر بها البعض منهم ويعلنها للبيان ويجاهر من منطلق مركزة أو رتبته في الدولة .

مواقع التواصل على شبكة الانترنت لعبت الدور الرابع من ادوار زمن المرح فيمرح الغالب من ضعاف النفوس وعديمي الأخلاق وميتي القلوب بمشاعر الآخرين وينسجون لهم الشراك لتدمي قلوبهم وتفقدهم الثقة بغيرهم وتحثهم على الانتقام والاقتصاص لجروحهم فيعم الغش والخداع والغدر وتغيب الثقة والصدق والإخلاص ويهيج ويميج الجميع في دوامة تلهيه وتعمق رغبات الشيطان فيه فيفقد إيمانه قبل كل شيء ثم شخصيته وهويته بالكامل ويصبح تبعا لخطط الشياطين وحليفا لهم .

فمن يقول أنها ليست لهو عليه أن يتابعها حقا ويتابع كل أحداثها ويتواصل معها فلينظر كيف يقسم وقته وكيف يقضيه وبماذا يتحدث ومتى يذكر الله أو يصلي على نبي الله أو يقرأ آية مما يحفظ وسط تلك الأوقات المزدحمة بكل ذلك الصخب والهرج والمرج والهتاف وشد الأعصاب وبذل الأموال الطائلة التي يستفيد منها المحتالون الذين يلعبون على عقول السذج وقليلي المعرفة بما ينهب منهم ليمنح لغيرهم بكل قبول ورضا وبذل منهم .

سأضرب لكم مثلا لأحد الفروق الملموسة بين ما ذكرت من لهو وبين الوقت النافع

عندما تتوجه إلا المسجد وتدخل للصلاة ترى أن الموجودين في المسجد للصلاة بضع أفراد من المواطنين أو المقيمين العرب وبقية المصلين أجانب وربما لا تجد في بعض المساجد مواطن أو مقيم عربي مع انه هناك فارق كبير بين هذا التجمع وبين التجمعات التي أتى ذكرها أعلاه فتلك في سبيل الشيطان تصل إلا الآلاف وربما عشرات الآلاف من البشر بينما هذه في سبيل الله وطاعته لا تكاد تنظر إليهم إلا عرفت تعدادهم وإحصائهم .

بمجرد المقارنة لهذه المفارقة لما سبق من ملهيات من أي شخص وعلى أي مستوى من الفهم والذكاء أو الإدراك سيجد أن كل ما اشرنا إليه دمار للمال والنفس والأخلاق والإنسانية التي وهبها الله لنا وجعلها أمانة في أعناقنا لنصونها ونوجهها التوجيه السليم في طاعته والتقرب إليه في جميع أوقاتنا وأعمالنا وأقوالنا .

انتهيت من الطرح ونلتقي مستقبلا بشيء يهمنا وينفعنا ونحتاج إلا مراجعة أنفسنا لأجله فللقاء قريب أمل , ولمشاركات جديدة أتمنى بعد توفيق الله وعونه

العقرب