العقرب اسير الظلام مدير المنتدى
عدد المساهمات : 279 تاريخ التسجيل : 17/08/2010 العمر : 64 الموقع : المنطقة الشرقية - مدينة الدمام
| موضوع: الوسائل المفيدة للحياة السعيدة الأحد 08 مايو 2011, 10:22 | |
| الوسائل المفيدة للحياة السعيدة أيه الأعزاء أعضاء وزوار هذه الزاوية الكرام بينما كنت أراجع بعض الكتب وجدت كتيب للشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي ( رحمة الله وغفر له ) ومطبوع عام 1408 هـ وقد كان ذلك الكتيب شيق جدا وما يحتويه مفيد للغاية فأحببت أن أشرككم في الاطلاع على محتوى هذا الكتيب وأتمنى أن ينال استحسانكم ورضائكم وان يحقق الفائدة من متابعته بعون الله تعالى . نبدأ معكم بمقدمة الكتاب
المقدمة الحمد لله الذي له الحمد كله , واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , واشهد ان محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وسلم , أما بعد : فان راحة القلب وطمأنينته وسروره وزوال همومه وغمومه , هو المطلب لكل احد , وبه تحصل الحياة الطيبة , ويتم السرور والابتهاج , ولذلك أسباب دينية, وأسباب طبيعية, وأسباب عملية, ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين, وأما من سواهم, فإنها وان حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلائهم عليه, فقد فاتهم من وجوه انفع واثبت وأحسن حالا ومالا . ولكني سأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الأسباب لهذا المطلب الأعلى, الذي يسعى له كل احد, فمنهم من أصاب كثيرا منها عاش عيشة هنيئة, وحيي حياة طيبة, ومنهم من اخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء, وحيي حياة التعساء, ومنهم من هو بين بين, بحسب ما وفق له . والله الموفق المستعان به على كل خير, وعلى دفع كل شر .
أود أن الفت انتباهكم أنني قمت بتقسيم هذا الكتيب إلا فصول بالترتيب العددي للمتابعة والتنسيق حسب طرح المؤلف .
الفصل الأول
أولا : ] الإيمان والعمل الصالح [ وأعظم الأسباب لذلك واصلها ورأسها هو الإيمان والعمل الصالح, قال تعالى : } من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن لنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون { سورة النحل 97. فاخبر تعالى ووعد بان من جمع بين الإيمان والعمل الصالح, بالحياة الطيبة في هذه الدار, وبالجزاء الحسن في هذه الدار ودار القرار . وسبب ذلك واضح فان المؤمنين بالله الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة , معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج, وأسباب الفلق والهم والأحزان . يتلقون ألمحاب والمسار بقبول بها, وشكر عليها, واستعمال لها فيما ينفع, فإذا استعملوها على هذا الوجه احدث لهم من الابتهاج بها , والطمع في بقائها وبركتها, ورجاء ثواب الشاكرين, أمور عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمارها . ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكن تخفيفه, والصبر الجميل لما ليس لهم منه بد, وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة والتجارب والقوة ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمور عظيمة تضمحل معها المكاره , وتحل محلها المسار والآمال الطيبة والطمع في فضل الله وثوابه كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح انه قال : } عجبا لأمر المؤمن , أن أمره كله خير , إن أصابته سراء شكر فكان خير له , وان أصابته ضراء صبر فكان خير له , وليس ذلك لأحد إلا المؤمنين { . فاخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره . لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها , وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح . هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما, فيحدث له السرور والابتهاج وزوال الهم والغم والقلق وضيق الصدر وشقاء الحياة وتتم له الحياة الطيبة في هذه الدار .والآخر يتلقى ألمحاب بأشر وبطر وطغيان فتنحرف أخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع ومع ذلك فانه غير مستريح القلب بل مشتته من جهات عديدة , مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالبا , ومن جهة أن النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقة لأمور أخرى قد تحصل وقد لا تحصل وان حصلت على الفرض والتقدير فهو أيضا قلق من الجهات المذكورة , ويتلقى المكارة بقلق وجزع وخوف وضجر , فلا تسأل عما يحدث له من شقاء الحياة ومن الأمراض الفكرية والعصبية ومن الخوف الذي قد يصل به إلا أسوء الحالات وافضع المزعجات , لأنه لا يرجو ثوابا ولا صبر عنده يسليه ويهون عليه . وكل هذا مشاهد بالتجربة, ومثل واحد من هذا النوع إذا تدبرته ونزلته على أحوال الناس رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى إيمانه وبين من لم يكن كذلك وهو أن الدين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله وبما أتى العباد من فضله وكرمه المتنوع .فالمؤمن إذا ابتلى بمرض أو فقر فانه بإيمانه وبما عنده من القناعة والرضا بما قسم الله له ليكون قرير العين لا يطلب بقلبه أمرا لم يقدر له , ينظر إلى من هو دونه ولا ينظر إلى من هو فوقه وربما ازداد بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع مطالبه الدنيوية إذ لم يؤت القناعة . كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الإيمان إذا ابتلي بشيء من الفقر أو فقد بعض المطالب الدنيوية تجده في غاية التعاسة والشقاء . ومثل أخر :إذا حدثت أسباب الخوف , وألمت بالإنسان المزعجات تجد صحيح الإيمان ثابت القلب مطمئن النفس متمكنا من تدبيره وتسييره لهذا الأمر الذي دهمه بما في وسعه من فكر وقول وعمل قد وطن نفسه لهذا المزعج الملم , وهذه أحوال تريح الإنسان وتثبت قلبه .بينما تجد فاقد الإيمان بعكس هذه الحال إذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره وتوتره أعصابه وتشتت أفكاره وداخله الخوف والرعب واجتمع عليه الخوف الخارجي والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنهه وهذا النوع من الناس إن لم يحصل لهم بعض الأسباب الطبيعية التي تحتاج إلى تمرين كثير انهارت قواهم وتوترت أعصابهم وذلك لفقد الإيمان الذي يحمل على الصبر خصوصا في المحال الحرجة والأحوال المحزنة المزعجة . فالبر والفاجر والمسلم والكافر يشتركان في جلب الشجاعة الاكتسابية وفي الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها ولكن يتميز المؤمن بقوة إيمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه واحتسابه لثوابه – أمور تزداد بها شجاعته وتخفف عنه وطأة الخوف وتهون عليه المصاعب كما قال تعالى : } إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون { سورة النساء 104 . ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف . قال تعالى : } واصبروا ان الله مع الصابرين { سورة الأنفال 46 ثانيا :] الإحسان إلى الخلق بالقول والعمل [ من الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق : الإحسان إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف وكلها خير وإحسان وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب ويتميز بان إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابه فيهون عليه الله بذل المعروف لما يرجوه من الخير ويدفع عنه المكاره بإخلاصه واحتسابه , قال تعالى } لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما { سورة النساء 114 . فاخبر تعالى أن هذه الأمور كلها خير ممن صدرت منه والخير يجلب الخير ويدفع الشر وان المؤمن المحتسب يؤتيه الله أجرا عظيما ومن جملة الأجر العظيم زوال الهم والغم والاكدار ونحوها . تم الفصل الأول بحمد الله ولنا لقاء قريب مع الفصل الثاني بحول الله وقوته
والى لقاء قريب إن شاء الله | |
|