الفصل الثامن والاخير
أولا : ] عدم الاسترسال وراء الهموم [
العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وإنها قصيرة جدا فلا ينبغي أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الاكدار فان ذلك ضد الحياة الصحيحة فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهبا للهموم والاكدار ولا فرق في هذا بين البر والفاجر ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر والنصيب النافع والعاجل والآجل . ثانيا : ] المقارنة بين نعم الله وما أصابه من مكروه [
وينبغي أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له . دينية أو دنيويه وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم واضمحلال ما أصابه من المكاره . وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب على الاحتمالات الكثيرة القوية وبذلك يزول همه وخوفه ويقدر أعظم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن أن تصيبه فيوطن نفسه لحدوثها إن حدثت ويسعى في دفع ما لم يقع منها وفي رفع ما وقع أو تخفيفه . ثالثا : ] أذية الناس عليهم ما لم تنشغل بها [
ومن الأمور النافعة أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة لا تضرك بل تضرهم إلا أن أشغلت نفسك في الاهتمام بها وسوغت لها ان تملك مشاعرك فعند ذلك تضرك كما ضرتهم فان أنت لم تضع لها بالا لم تضرك شيئا . رابعا : ] طيب حياتك بالأفكار النافعة [
واعلم أن حياتك تبع لأفكارك فان كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين او دنيا فحياتك طيبة سعيدة وإلا فالأمر بالعكس . خامسا : ] أن تكون معاملة لله لا للخلق [
ومن انفع الأمور لطرد الهم أن توطن نفسك على ألا تطلب الشكر إلا من الله فان أحسن إلى من له حق عليك أو من ليس له حق فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله فلا تبال بشكر من أنعمت عليه كما قال تعالى في حق خواص خلقه } إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء أو شكورا { سورة الإنسان أية 9 . ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد ومن قوي اتصالك بهم فمتى وطنت نفسك على إلقاء الشر عنهم فقد أرحت واسترحت ومن دواعي الراحة اخذ الفضائل والعمل عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك وتعود على إدراجك خائبا من حصول الفضيلة حيث سلكت الطريق الملتوي وهذا من الحكمة وان تتخذ من الأمور ألكدره أمور صافية حلوة وبذلك يزيد صفاء اللذات وتزول الأكدار . سادسا : ] الانشغال بالنافع دون الضار [
اجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها ولا تلتفت إلا الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة . سابعا : ] حسم الأعمال في الحال [
ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال والتفرغ في المستقبل لان الأعمال إن لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة وانظافت إليها الأعمال اللاحقة فتشد وطأتها فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل . ثامنا : ] ترتيب الأولويات مع الاستشارة [
وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فألاهم وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة فما ندم من استشار وادرس ما تريد فعله درسا دقيقا فان تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم . تم بحمد الله ولنا لقاء قريب مع كتاب من الكتب النافعة بحول الله وقوته
والى لقاء قريب إن شاء الله